كان الأمر ممتعًا ومفيدًا بنفس الوقت عندما بدأت في تطوير هلال، شعرتُ أنّه يوجد الكثير من الأشياء الناقصة التي يجب توفيرها في أي نظام تشغيل للمستخدم، ولكنني لم أكن أعمل من أجل أي مستخدم، هلال بدأت في الأساس كمشروع توزيعة "إسلامية"، أي أنها مخصصة للمسلمين فقط وليست مشروعًا عموميًا.
لكن مع الوقت تتغير الأفكار، هل نحن فعلًا بحاجة إلى هلال لينكس، التوزيعة الإسلامية العربية الآن..؟ لم أعد شخصيًا أعتقد ذلك، البرامج التي قمنا بتطويرها كانت مفيدة للكثيرين، ولكن عمل توزيعة كاملة فقط لشريحة صغيرة من المستخدمين ليس هو ما أريد القيام به حقًا، هناك تأثيرٌ أكبر يمكنني القيام به.
هلال لم تتوقف لأنني لم أعد أمتلك الوقت الكافي، أو بسبب نقص الإمكانيات، بل السبب ببساطة هو أنّ أهداف المشروع التي بدأته من أجلها لم تعد كما في السابق، الوقت والإمكانيات موجودة لدينا الآن لإطلاق إصدار جديد من هلال، ولكن ما يعني توزيعة عربية؟ وماذا يعني توزيعة إسلامية؟ لا، لا نحتاج ذلك الآن، على الأقل، ليس بعد.
ما أوّد القيام به الآن هو العمل على مشاريع أكثر تأثيرًا، شيء يكون على المستوى العالمي وليس مجرد مشروع مرمي آخر. ربّما تراني بعد بضع أسابيع أطلق توزيعة أخرى، ولكنها هذه المرّة لن تكون مخصصة للمسلمين فقط، بل للعالم أجمع.
كمسلمين، نحتاج أن نمتلك التقنية بين أيدينا، ونحتاج امتلاك نظام تشغيل خاص يعمل على حواسيبنا، هذا إن كنا لا نريد البقاء وراء المطورين والشركات الغربية طوال الوقت في انتظار إصدار جديد دون أن نعلم ما يحويه فعلًا، كنتُ أفكّر في التعاقد مع أحد الشركات المصنّعة للأجهزة المحمولة في تركيا وشحن هلال لينكس مسبقًا عليها، ولكن الآن ليس الوقت المناسب لذلك، هناك جبهة أخرى أكثر اشتعالًا تحتاج من يشغلها.
طوال السنين الخمس الماضية عملت وحدي، لم ينضم أحد ولم يساعد أحد إلّا بشكل جانبي من فترة لأخرى، مع ذلك، حصد الإصدار الرابع أكثر من 20 ألف تحميل، وما يزال مستودع التوزيعة نشطًا إلى اليوم. تحدثت عنّا كبرى المواقع العالمية عند إطلاق آخر إصدار مثل Softpedia وSourceforge وغيرها. لكن المشكلة هي أننا مع ذلك لم نصل إلى ما نستحقه فعلًا، أدخل إلى موقع Distrowatch.com وأنظر إلى قائمة التوزيعات الأكثر شهرةً على اليمين وأقول في نفسي: "مالفرق بيننا وبينهم؟ لماذا يقومون بربع ما نقوم به، ويصلون إلى مراتب أعلى ويتركون تأثيرًا أكبر؟"، والجواب ببساطة كان التخصيص، هلال تعرّف نفسها على المسلمين والمسلمين فقط، ولذلك وجب على المسلمين وحدهم دعمها، وهو ما لم يحصل، إنهم لا يحتاجون هلال الآن.
في الواقع، هلال لم تتوقف، بل ستعمل في هدوء إلى أن يحين فعلًا الوقت المناسب لإطلاق إصدارٍ جديد، وسنعمل في صمت شهرًا وراء شهر إلى أن نصل ذلك الموعد المنشود إن شاء الله، كل القصة هي أنّ الآن ليس هو ذاك الوقت المناسب.
على الهامش لا يمكنني أن أنكر استفادتي الشخصية من المشروع، الإصدار الأول من هلال كان مضحكًا بمعنى الكلمة، ومع مرور الوقت ومع ازدياد خبرتي تطوّرت هلال أكثر فأكثر، تعرّفت على أصدقاء رائعين وساهمت ولو بجزء صغير في تعريف الناس بهذا العالم، ووفرت لهم - ولو لفترة من الزمن - نظام تشغيل معدّل بأيديهم، كانت تجربة رائعة حقًا، فرحة اكتمال رفع 1.5 جيجابايت عقب كل إصدار كانت لا توصف، وفرحة إفادة الناس كانت أكبر من ذلك.
شكرًا جزيلًا لكم جميعًا أعزّائي، آمل أن نلتقي مجددًا في مشروعٍ ناجحٍ آخر، يمكنكم متابعة آخر الأخبار عبر لينكس اليوم.
ستبقى هذه الصفحة هنا إلى نعود، يومًا ما إن شاء الله :-)
مطور المشروع: محمد هاني صباغ hannysabbagh@hotmail.com